إنحلال تام ...وليس فساد تاجر أو إثنين


الكثير ممن انبرى للدفاع عن اسطورة وخرافة "الفساد" يلجأ مع الأسف اتهام السلطات أو النظام بأنهما المسؤولان المباشران عن حالة التدهور الحقيقية التي نمر بها ، ومن قال عكس ذلك..!! ومن يجرؤ على إنكار هذه الحقيقة المعروفة والمبسطة ...!!!

بالتأكيد لست أنا .. فأنا معارض ومتحفظ على الكثير من خطوات وأهداف وحتى تطلعات النظام أو بعض أطرافه المناوئة منذ بداية النظام الديمقراطي . ولكني لست معارض "خلقه" ..ولا أتهم السلطة وحدها بالمسؤولية المطلقة والمباشرة عن التدهور الذي نحن فيه.  هنا الفرق.

بل إن تعمقنا في واقع الحال نجد أن ما يمكن أن نطلق عليه براءة السلطة وحسن نيتها وحتى نزاهتها - في البداية - هو ما أوصلنا الى الوضع المزري الذي نحن فيه . أن تدفق الثروة النفطية دفع بأولي الأمر والمسؤولين وحتى بقية الناس الى المبالغة في انفاق وتعميم هذه الثروة.

 وهذا ما ادى بشكل واضح ومباشر الى " تدليل" المواطن الكويتي ومن ثم استلاب الكثير من خصاله وقدراته الانسانية مما حوله في النهاية الى "طفيلي" يتعيش على الإنفاق الحكومي . واعلم هنا أن التوزيع لم يكن عادلا .. بل لم يكن توزيعا ، بل كان - في بعض جوانبه - إستحواذا وحتى نهبا من قبل المتنفذين والمهيمنين على الامور.

لكن بالرغم من كل هذا تحصٌل المواطن الكويتي على الكثير وتنعم بالوفرة والرفاهية دون تعب أو حتى جهد.

السلطة أشركت المواطنين بشكل واسع وسخي في الثروة ولكنها مع الأسف ، وبعد سنوات قليلة من الإستقلال، أصرت على الإنفراد بالسلطة . بل الأدهى أنها استخدمت الثروة الوطنية لتحقيق هذا الإنفراد وتعزيزه . إستخدمت المال لشراء ولاء المواطنين .. وهو ما لم يكن بذلك السوء ، فالمال مال الناس ...

ولكنها ومن المؤسف استخدمت المال العام أيضا لشراء ولاء الغير...غير الكويتيين . وذلك عبر تجنيس الأعوان ومن اعتقدت أنهم أكثر ولاء وإخلاصا لها من مواطني الكويت . وهكذا  كان .. أُستٌخدم المال العام لشراء المُجنَسين " التجنيس العشوائي"

 وربما ومن سخريات الأقدار أن يٌستخدم اليوم التجنيس أيضا ، ولكن للإستحواذ على المال وتحقيق المنفعة المادية للبعض . اي أن بعضنا شرى المجنسين بالامس .. واليوم – وبفضل الفساد الحقيقي - يشتري المجنسون بعضا منا  التزوير في الجنسية" .

السلطة او بعض أطرافها على الأقل أصبحت المسؤول الأساسي عن حالة "الفساد" الحقيقي أو بالأحرى التدهور الذي نعيشه . إصرار الأطراف المناوئة للديمقراطية في السلطة على التفرد بالقرار أدى بها الى استخدام المال العام لشراء ذمم الناس وإلهاء الشرفاء منهم . وهذا – إن شئنا الإنصاف - لم يكن سيئا جدا ..

 ولكن السيء انه عندما تقلص تدفق الثروة النفطية أو في حالات الكساد وانخاض أسعار النفط فإن السلطة عمدت الى ما يمكن تسميته بالبذخ السلبي والمتمثل في تطييب خاطر المواطنين عبر إلغاء الغرامات أو شروط التأهل أو توزيع الأملاك العامة بحجة التجارة أو الزراعة أو الصناعة أو حتى تربية الماشية.

 وهكذا غضت السلطة نظرها عن المخالفات والإختلاسات والتجاوزات . بل يمكن الجزم بأنها وضعت كل القوانين والضوابط على الرف وتركت الأمور سائبة مثل ما هي عليه اليوم . لهذا يمكن الجزم اليوم بأنه ليس لدينا قانون وليس لدينا حكومة بل لا يشعر المواطن بأننا في دولة وأن لدينا مؤسسات وإدارات تنظم شؤون الناس ، إن السلطة بلا شك وراء ذلك كله .. ولكن الناس تبقى المنبع ، المستهلك والمشجع .

اضف تعليقك :

أحدث أقدم