قليل من التواضع لن يضر

كتبت قبل أيام " أرجو مخلصًا ألا تفكر الحكومة في استغلال هذا الدعم والترحيب الذي تحظى به اليوم للتصرف غير المسؤول في المستقبل . "  وكما هو متوقع خاب رجائي . فالتأييد والترحيب الذي قابل به الناس جهود الحكومة في مواجهة وباء كورونا ، هذا التأييد تحول إلى " حليب سباع " ابتلعته الحكومة بشراهة لتستخدمه أداة للتنمر والتجبر على الناس .

أدري أن موجة الإعجاب العاتية لن تجد ترحيبًا ولا هضمًا لهذا الكلام . بل يمكنني القول والأدلة تتوالى أن التأييد الشعبي مع الأسف هو المحرك أو بالأحرى المحرض لهذا التنمر والغلظة الحكوميية أو الأمنية بشكل أدق في مواجهة الناس .

فالكثير من المتحمسين والمعجبين بالأداء الحكومي أصبحت لديهم حساسية مفرطة للغاية تجاه أي نقد أو عدم اقتناع بالخدمات أو القرارات الحكومية .وأسرع شيء لدى هؤلاء المعجبين المتحمسين هو مناشدة وزير الداخلية التدخل ومعاقبة من يعتقدون أنه " قل أدبه " أو كفر بالنعمة . ومع الأسف فإن وزير الداخلية زاهب ، أو أجهزة وزارته على الأقل، إذ تستجيب بأريحية وفاعلية لهذه المناشدات الحماسية غير المسؤولة .

على السادة المواطنين الذين جلدوا بعنف ، وبعضهم بقلة أدب، المواطنين الذين أبدوا اعتراضًا أو نقدًا لأوضاعهم في المحجر أن يعلموا بأن " المحجور"  ليس إنسانا طبيعيًا . صح أن الأغلبية ، بل ربما الكل يتأقلم مع الوضع ويستوعب الحالة النفسية التي يجبر على المرور بها . لكن هناك قلة ممن لا يملكون هذه الحسنة أو أن هناك قلة ممن واجهوا مع الأسف ما يجب ألا يواجهوه . وخضعوا لظروف لم تخضع لها الأغلبية . 

إن الإنسان " المحجور" يشعر بأنه منبوذ وأن المجتمع قد عزله ولم يعزل الوباء أو الفايروس . لهذ فإن هذا الشعور قد يطلق،اذا ما مسته الشرارة المناسبة ، يطلق تذمرًا أو حتى عدوانية غير مقصودة ضد السلطات والإدارات
.
هذا بالطبع بالإضافة إلى الداء الأكبر الذي أصبنا به جميعا، وهو الشعور بالإضطهاد أو على الأقل عدم الإنصاف. كلنا يعلم مدى تفشي الواسطة والمحسوبية والتفضيل في المجتمع . كلنا يعلم أن السلطة ، أي سلطة، في أي دائرة أو وحدة . تفضل ولد الفريج وتحتضن أبن العم وتعتني بشريك الطائفة وتدعم أبن القبيلة .

 لهذا فإنك عندما تجد نفسك في شاليه صغير ستفكر بأن الواسطة قد حرمتك من الشالية الأكبر أو الأفضل . لن تعتقد بأنها اولية أو صدفة أو حتى طبيعة وحجم العائلة .. لأ  واسطة ومحسوبية حرمتك من الأفضل ووضعتك في مكان أدنى من غيرك .

حرية الرأي حق مقدس في كل الظروف . والمفروض في الناس السنعة أن تمتص النقد وتتقبل الإعتراضات وعلى إدارات الداخلية أن توسع صدرها وأن تتوقف عن قراءة الهذيانات التي يحفل بها تويتر . فالكثير ممن اتهموا بقلة الأدب - رغم أن قلة الأدب ليست جريمة - أو حتى بالسب مثل التي وصفت رجال الشرطة " تحببا " بالكلاب . 

فهي قصدت أنهم يؤدون واجبهم بشكل سليم بحيث لم يتيحوا لها فرصة للخروج. أساءت التعبير,,إستخدمت الكلمة الخطأ  ..خير يا طير ..فهي في النهاية لم تفعل سوى التعبير عن شعورها وهذا حقها .وهم، أي رجال الشرطة ، حتى لم يسمعوها فأين الضرر هنا ..!!!

اضف تعليقك :

أحدث أقدم