في النصف الثاني من ستينات الألفية والقرن الماضي، أي بعد تزوير انتخابات مجلس الأمة سنة 1967 سادت حمى "التكويت" . أي " إجلاء" الوافدين عن الوظائف القيادية وإحلال الكويتيين محلهم. وهي سياسة وطنية ضرورية أقتصاديا وأمنيا.
لكن "التكويت" وقتها - والى الآن - لم يكن لله ..بل لعبيدالله من القوى المناوئة للديمقراطية في السلطة والتي استغلت عملية التوظيف والتكويت لتوزيع المناصب على الموالين والتابعين. وبفضل سياسة التكويت نشأت أيضا سياسة نائب الخدمات حيث تحول العمل النيابي من التشريع والمراقبة داخل مجلس الأمة إلى تخليص معاملات وتحقيق واسطات قي ردهات الدوائر الحكومية ومكاتب الفاسد والمتنفذ من القياديين.
نتيجة الاستغلال الخاطي والمتعمد لسياسة التكويت لا نزال نستورد العمالة الوافدة بكم أكبر وبحاجة أشد. لأننا كلما استقدمنا وافدًا ليساند الكويتي، الذي أصبح بفضل سياسة التدليل الحكومية "معفيا"عن العمل، كلما فعلنا ذلك اضطرينا أيضًا إلى استقدام وافد إضافي للعمل على تلبية متطلبات الوافد الذي سبقه. وهكذا دواليك.. وشيء يجر شيء.
بعدما يقارب مائة عام وبعد بناء جامعات وكليات. وبعد إنفاق الملايين والمليارات على التعليم وعلى إرسال المواطنين للدراسة في الخارج في ما يسمى بالتخصصات النادرة... بعد كل هذا لا نزال "نستورد" مدرس العلوم ومدرس الإنجليزي ومدرس الموسيقى. وبعد كل هذا وذاك وذياك أيضًا.. ترتفع الأصوات هذه الأيام تطالب بالتكويت وبترحيل الوافدين .!!!!!!!!!!!!!!!!!!
واحدة أ.د مثل ما تكتب أسمها كاتبه تطالب بترحيل الوافدين. لكنها في النهاية أحست بالورطة وطالبت بإحلال وافدين من السودان والمغرب العربي بدلًا منهم .!!!
لماذا نعكس القضية ونتهرب من المواجهة... المطلوب أولًا هو تغيير نظرتنا الدونية للعمل والمطلوب ثانيًا تشغيل المواطن الكويتي بما يحتاجه البلد وليس استيراد ما نحتاج من السودان والجزائر والمغرب كما تفضلت الدكتورة. نحن نحتقر العمل اليدوي، ولا نقدر العمل الفني حق قدره. نبخس الجهد الشاق حقه و نحرم العمل النادر مميزاته.(هذي الأيام أفكر برجل الداخلية صايم وتحت الشمس ويأخذ راتب أقل من اللي متسمت على المكتب يقرأ جرايد ويشرب شاي)
يتذمر المواطن بعفوية من وجود المستشارين الوافدين الذين يقبضون الآلاف بينما الكويتي لا يجد عملا . الوافد يا سيدي يعمل مستشارًا لأن الكويتي الذي سرق المنصب ليس مؤهلاً، بل تعين نتيجة واسطة نائب أو حاجة وزير لصوته، وليس قادرًا على أداء عمله إلا من خلاله وبواسطة الوافد. الوافدون ليس لهم ذنب ..الذنب ذنب السلطات التي تصر على تحجيم المواطن الكويتي وإخضاعه كي يبقى في النهاية موالياً وتابعاً لهذا النائب أو ذاك.
لن يكون الإصلاح سهلًا لأن الجهاز الحكومي برمته فاسد. والموظف الكويتي أصبح "مجبرا" على الا يعمل أو يبدع . لأن من يتهرب ومن يتوسط ينال النصيب الأكبر من الكيكة. لن يكون الإصلاح سهلًا ولن يكون من خلال إحلال فاسد مكان فاسد آخر.. بل من خلال تغيير قناعاتنا ونظرتنا إلى التقدم ومن خلال الإنعتاق مما يحكمنا من تقاليد بالية وما يعيقنا من عادات وحتى معتقدات عفى عنها الزمن... وأولها تصغيرالغير وعدم إحترام الآخر أو الوافد هذه الأيام .
رزق القطاوه على الخاملات
ردحذفإرسال تعليق