بناء الاقتصاد بناء الإنسان

من أجل الانعتاق من هيمنة وسطوة المجتمع الريعي نحن بحاجة إلى إسراع الخطى في طريقين مترادفين، الأول تنويع مصادر الدخل، والثاني إعادة بناء الإنسان الكويتي. أي إعادة بناء الاقتصاد وإعادة بناء الإنسان. تنويع مصادر الدخل أو إيجاد مداخيل مرادفة أو بديلة للنفط هدف صعب لكنه لا يبدو مستحيلاً. فقد كان عندنا «الداو» وكان عندنا قبل الداو تجارة «الترانزيت» ووصْل الشرق بالغرب.

 وحالياً مطروح مشروع تطوير الجزر الذي يبدو أكثر يسراً من التصنيع أو الإنتاج لأنه يعتمد على الخدمات، وهو كل ما تلقيناه من المجتمع الريعي. تنويع مصادر الدخل أو إيجاد «قوى منتجة جديدة» - وهو ما أعتقد أفضل تعبيراً - يبدو لي أسهل بكثير من إعادة بناء الإنسان الكويتي. من السهل إقامة مصنع والأسهل بناء فندق في جزيرة، ولكن صعب بناء الإنسان وصعب إقناع المواطن بالتخلي عن قيمه وتقاليده الريعية السهلة والمريحة وتقبل قيم وسلوكيات مجتمع الجد والاجتهاد.

لهذا نحن بحاجة إلى عقد مؤتمر وطني يضع الجميع أمام مسؤولياتهم. فمهمة البناء ليست شأناً حكومياً خالصاً، بل ليست شأناً حكومياً على الإطلاق، بل هي شأن الناس ومسؤولية عموم الكويتيين. لهذا يجب «الاتفاق» ومن ثم الالتزام بالخطوات القومية لتنويع مصادر الدخل والخطوات القومية لإعادة بناء الإنسان الكويتي. نحن على يقين أن أي مشروع أو قانون تطرحه الحكومة لمعالجة أوضاعنا الحالية سيجابه بمعارضة ورفض عارمَين، مرة بحجة الحفاظ على المكاسب الشعبية ومرات بالحفاظ على المال العام ومكافحة الفساد.

 لهذا فإن عقد المؤتمر الوطني ضرورة لإلزام كل الأطراف بمسؤولياتها وفرض الأدوار الإيجابية عليها. فلم يعد مقبولاً أن يقف البعض حجر عثرة دائمة في وجه التطوير أو التغيير بحججه الواهية وأطروحاته السلبية.. فمن لديه وجهة نظر أخرى أو وسائل أفضل للارتقاء بالوطن والإنسان فليطرحها ويعلنها.. أما من لديه «اعتراضات» ورفض من دون بدائل ممكنة ورؤى واضحة فإن الأفضل له وللوطن أن يصمت. وللدستوريين الذين انبرى البعض منهم للتصدي لفكرة المؤتمر الوطني، بحجة أنه تعدٍ على الدستور..

 فإن المؤتمر معني أو سيُعنى بمعالجة البنى والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية التي شوهها أو اختلقها الإنفاق الريعي فقط. وليس معنياً على الإطلاق بالنظام السياسي أو قواعد وأصول الحكم. أصلاً أنا أعتقد أن أي تعديل للدستور في ظل هيمنة المناخ الريعي سيكون عبثاً وانتقاصاً من دستور الكويت الذي بُني في ظروف أفضل ولمجتمع إنساني غير مجتمعنا الريعي الحالي. أما عن التجاوز أو الالتفاف على مجلس الأمة.. فاعترفوا به أولاً قبل أن تنتصروا له.

31 أكتوبر 2017


للمزيد: https://www.duaij.net

اضف تعليقك :

أحدث أقدم