اليوم لا نبكي الشيخ ناصر صباح الأحمد رحمه الله، مع إنني أكاد أجزم بأن لا أحد يستحق الذكر أكثر منه. فقد كان خلوقًا عطوفًا، رحيمًا بمن حوله وما حوله . ولكننا نبك أمل أمة، وتطلعات شعب وجد في شخصه أملًا ونظرة متفائلة للمستقبل .
كثيرون منا يعرفون الشيخ ناصر من خلال عمره القصير في محاربة الفساد وفي التصدي لأبناء عمومته ممن خان الأمانة واستصغر عظم المسؤولية . ولكن الكثير مع الأسف من محبيه ومؤيديه يغيب عنه أنه قدم نفسه أول ما قدمها على أنه بانيًا ومطورًا . ذو نظرة ثاقبة وثقة كبيرة في مستقبل الكويت وتطورها الحتمي . الشيخ ناصر لم يأت ليهدم الفساد ويحارب المفسدين فقط ، ولكنه أتى ليعبد طريق الحرير ويبني كويت 2035 .ويضع الكويت مرة ثانية في مقدمة المراكز المالية و العالمية كما كانت في بداية نشأتها.
أحلام الشيخ ناصر لم تكن إقتصادية أو معمارية فقط . فقد كان أيضًا متميزًا سياسيًا. إذ كان منحازًا للنظام الديمقراطي ومتبنيا للخط اللبرالي. كان يعتقد بالفعل بأن الكويت من الممكن أن تصبح دولة ديمقراطية دستورية حديثة . ولم يخف أفكاره أو أحلامه اللبرالية بل عرضها ببساطة وصراحة أمام الجميع بمن فيهم المعارضين أو المخالفين للتطور والتقدم الطبيعي .
فقد روى لي شخصيًا أن وفدًا من الحركة الدستورية “الإخوان” زاره بعد التحرير , أعتقد برئاسة النائب السابق ناصر الصانع وإسماعيل الشطي وأخرون . ولما بدأوا بعرض وجهة نظرهم - المحافظة بالطبع - قاطعهم قائلًا " بس أنا لبرالي "... هكذا بصراحة ووضوح ونقاء بعيد عن الدبلوماسية والتسييس .
الكويت الرمادية اليوم بحاجة الى الشيخ ناصر ، وبحاجة أكثر بعد رحيله الى أن تبقى آماله وتطلعاته هدفًا وطنيًا واستراتيجية يعمل لتحقيقه كل مخلص لهذا البلد . تكريم الشيخ ناصر لايعني البكاء عليه، بل يعني حمل الشعلة التي خلفها وإنارة طريق الظلام وردم حفر الفساد التي تعترض طريق الكويت .
الله يرحم الشيخ ناصر ويصبر أهله ومحبيه على فراقه وعسى أن يكون لعمله وفكره وما تركه من مآثر كريمة نبراسا يقود بقيتنا على طريق الحرير .
إرسال تعليق