أمحق ديمقراطية


ديمقراطية تعجز عن ايصال امرأة واحدة .. هي ديمقراطية خرطي.


كان جدي الله يرحمه عندما يستاء من شيئ يقول  " أمحق ... ". ولا أعلم  معنى الكلمة ، علمًا بأنها عربية فصحى ككلمات كل أهل الكويت وتعود الى محاق القمر ، أي زوالة وتضاؤله وهلاكه.


واليوم أجدني أردد بأسى " امحق ديمقراطية ". فـ ديمقراطية ... بعد هذه العقود العديدة ، تعجز عن إيصال امرأة واحدة من ضمن خمسين عضواً الى البرلمان .. هي ديمقراطية خرطي .. ديمقراطية الجهلاء والمتخلفين والمعادين لكل مبادئ الحرية والعدالة والمساواة وهم الشعب الكويتي الذي أصر بحكم تبعيته القبلية والدينية إلا وإن ينتخب للمرة العاشرة المتردية والنطيحة لمجلس الأمة.


واضح من هذا إنني لا أشارك المتفائلين وفي مقدمتهم حكيمنا الدكتور أحمد الخطيب تفاؤلهم واستبشارهم بنتائج الانتخابات الحالية. فالتغيير الذي هلل له المهتمون بالشأن السياسي قد يكون تغييراً سلطوياً وليس شعبياً.


بمعنى أننا أسقطنا قطباً سلطويا او "صباحياً" لنستبدله بقطب سلطوي آخر. مع الف تحفظ على " اننا اسقطنا " فنحن حتى الآن وبحكم التخلف المهيمن والعقبات التي زرعت منذ إسقاط الحكومة الوطنية 1964 وطرد المعارضة الشعبية وتزوير الانتخابات، هذه العقبات لا تزال - هي وليس نحن - تتحكم في نتائج الانتخابات وتحدد هوية المجلس.


وغني عن القول أن موازين القوى في السلطة ربما تغيرت .. ولكن بالتأكيد فإن موازين الناخب الكويتي لا تزال على تخلفها وتبعيتها الرجعية المعادية للمبادئ الأساسية للنظام الديموقراطي. لم يتغير شيء، سوى اضمحلال نفوذ قطب " صباحي " وصعود او بالاحرى عودة نفوذ لقطب اخر.


أعلم أن هناك الكثير من حسني النية من بين الفائزين ، لكنني اعلم أيضا بأن النيات وحدها لا تكفي. فنحن بحاجة إلى الكثير من الفهم والعزم والتخطيط والرؤى الإستراتيجية التي تنظر بإصرار للمستقبل واستيعاب للحاضر. وهذه مع الاسف بالكاد تتوفر في حتى قوانا السياسية التي كل همها حتى الان مناكفة السلطة أو محاربة طواحين الهواء.


الفائزون جلهم مخلصين وحسني النية، بل ، من "ربع" الحراك. لكن هذا لا يكفي بل الطامة الكبرى. فهؤلاء من الاساس لا يملكون رؤيا إصلاحية او برامج تنموية او حتى حس ديمقراطي مدني ينظر الى الامام.


كل ما يملكون هو أحلام ما ورائية وإصرار على أن يكون لهم النصيب الأكبر في "الكيكة" الريعية. لهذا نجدهم وحتى المستبشرين بهم ممن طبَّل أو تفائل بفوزهم لا يملكون سوى شعارات الإصلاح ومحاربة الفساد. يعني في أحسن الأحوال - وهو ما هو مشكوك فيه - استحواذ متكافئ على الكيكة. وبس ..

اضف تعليقك :

أحدث أقدم