المواطنون الذين يعترضون بشدة على الإجراءات الوقائية لوزارة الصحة وعلى القرارات الحكومية المعنية بمواجهة وباء كورونا لا يمكن ان يكونوا جادين في اعتراضاتهم ، بل لا يمكن لأي واع ان يثق في نواياهم او يبارك التصلب والعناد الذي يتفنون به في مواجهة الإجراءات الصحية .
هم يقيسون أنفسهم بمعارضي نفس السياسات في الدول المتقدمة ، وبالذات بشعوب اوروبا التي يتظاهر يوميًا أبناءها ضد إجراءات الحكومة ويرفضون القيود التي تفرضها السلطات هناك على المجتمع . هم ينسون او بشكل أكثر دقة لا يعلمون ...ان متظاهري أوروبا هم ضد ما يسمى هناك ب " تعسف" الدولة وليسوا على الإطلاق ضد الإجراءات الوقائية . بل يمكن الجزم بأن أغلب متظاهري أوروبا هم من المطعمين ، اي الذين تلقوا اللقاح وحصنوا أنفسهم . معارضتهم وانتقادهم الشديد هو لما يسمونه بالتدخل غير المبرر في حياة الأفراد والمواطنين .
هم يعتقدون ان سماحهم للسلطات في " فرض" إجراءاتها الوقائية سيقود في المستقبل لأن تفرض إجراءات أمنية وقمعية تحت ذات الحجج والمنطق . معارضتهم هي لتقييد حريتهم من قبل السلطات ...فهم يؤمنون ويعتقدون بأن الإنسان هناك مؤهل وقادر ومتمكن من الاعتناء بنفسه وليس بحاجة لوصاية الحكومة او التوجيه والمراقبة من قبل مؤسساتها . او من قبل اي طرف مهما كان .
ربعنا، من متظاهري ساحة الإرادة هم عبيد الله وتوابع القبيلة والخاضعون لسلطة العائلة وهيمنة الطائفة. الإنسان هنا خاضع بطبيعته ان جاز استخدام هذه الكلمة وخانع بغريزته وأيضًا ان جاز التعبير للسلطات والمؤسسات الدينية والقبلية والعائلية والطائفية .. لذا فإنه من العجب العجاب ان يتمرد على إجراءات السلطات الحكومية ويعترض على القيود والاحترازية الصحية وهو الذي يتظاهر ويطالب دائما ب " فرض" القيود الدينية ومراعات التقاليد الاجتماعية الأخرى !!!!!
اليهود خلقوا الله من أجل تميزهم وهيمنتهم على الأخرين. خلقوه من أجل ان يمنحهم ارض الميعاد .خلقوا الله من اجل ان يقاتل عنهم "" َقالُوا يَا موسى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ " وخلقوا الله من اجل أن يهب لهم المن والسلوى . والمسيحيون خلقوا الله من اجل ان يرعاهم ويعتني بهم . فهو الاب وهم الأبناء. والأب يتكفل بابنائه ويتقبل خطاياهم ويتناسى عن إساءاتهم. المسلمون .. الله خلقهم... خلقهم الله لأن يكونوا "عبيدا" ... " وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون " فالمسلم لا يملك من أمره شيئا فهو العبد الفقير لله.
والمسلم المؤمن لا يشك خيطًا بابره قبل ان يستفتي ويسأل عن حكم الشرع .كل شيء مكتوب ومقرر ومفروض ..وقبل كل هذا وذاك مقبول ..مقبول ..مقبول . كل شيء مقرر ومفروض منذ ان يطلع من باب داره وحتى دخوله الحمام ..كل شي سنة او فرض ولا خيار لعبد الله المسلم .
الأخوة المواطنون الذين ملئوا ساحة الإرادة بالأمس واليوم هم عبيد الله . وهم الخاضعون لسلطات القبيلة والتابعون لوصايا العائلة والملبون لهرطقات الطائفة ...فلم الاحتجاج والتمرد على إجراءات مؤقتة وعرضية ... معنية فقط باختصار معاناة الإنسان وتقليص آلامه في مواجهة الوباء ...!!!
إرسال تعليق