مؤسفة جدا هذه الحملة القاسية على فلم "حياة الماعز" ، والمؤسف اكثر ان تشارك المملكة العربية السعودية بقيادتها الجديدة في هذه الحملة . فقصة الفلم موجودة في كل مجتمع وبمظاهر مختلفة وأساليب متعددة . ظلم الإنسان للإنسان ، بل استعباد الإنسان لاخية الإنسان حقيقة وممارسة مرت ومع الأسف لا تزال تمر بها كل شعوب العالم ..المتحضر والبدائي ، العالم الأول او العالم الثالث .الاغتصاب والاضطهاد والاتجار بالبشر يمارس في كل مناطق العالم ، ولا ينجو مجتمع منه في اي قارة او قطعة من هذه الارض .
لكن كل هذا يجري بشكل فردي .. ومسؤول عنه المجرمين الخارجين عن الإجماع العام والمعادين لمجتمعهم وقيمه قبل معاداتهم لاي طرف آخر . لذلك عندما يعرض فلم امريكي يصور مجموعة من الروس يتاجرون بالبشر – على سبيل المثال- فإن الروس لايحتجون او يستنكرون ... بل رغم صمتهم فإن لسان حالهم يقول عندنا وعندكم خير . فالاشرار موجودون هنا وهناك ..وخروج فرد عن القانون او العرف الاجتماعي وارد وواقع في كل مجتمع .
الفارق اذا ..هو ان المجتمعات المتقدمة و "المتفهمة" هي مجتمعات فردية . المواطن فيها هو الفرد القائم بذاته. عندنا لا نزال مجتمعات "جمعية" ، نعيش كعائلة ونعمل كقبيلة ونفكر كطائفة او دين . هذه العقلية " الجمعية" هي التي وراء هذه الحملة غير المبررة على الفلم .
عندما يرتكب فرد من هذه القبيلة او تلك ، او هذه الطائفة او غيرها جريمة . فان النظرة العامة للبقية تتجه للقبيلة او للطائفة بوصفها المسؤول عن سلوك هذه الفرد وميوله . لذا نرى في الكثير من الأحيان ، عائلات او قبائل تنشر الإعلانات والبيانات تتبرأ فيها من الجرم وممن ارتكبه . لهذ فانه عندما يقوم مواطن سعودي او كويتي بارتكاب جريمة فان النظرة "الجمعية" عندنا تتهم كل السعوديين في الكويت وكل الكويتيين في السعودية .!!
قلت مؤسف ان تنضم -او ربما تتصدر لا اعلم تماما الادارة السعودية – تحت القيادة الجديدة الحملة ضد الفلم . فقد كان المتوقع من القيادة الجديدة والشابة في المملكة بعد ممارساتها الحضارية ودعمها المتواصل للفن والادب ان تتقبل الفلم على انه عمل فني لا اكثر ولا اقل . وقصته تحدث وقد حدثت بلاشك في المملكة وتحدث حتى الان في اي مكان آخر في اي طرف من اطراف المعمورة اليوم. وربما اتطرف اكثر واقول انه كان الممكن عرض الفلم وتقبله في المملكة نفسها كدليل حضاري على رفض المملكة العربية السعودية للممارسات غير الانسانية لشخص شرير في الفلم
إرسال تعليق