رسـوب ديمقـراطي

لا أعتقد أن أحداً سيفكر بلوم فنانينا وأدبائنا ومثقفينا الذين إنتصروا مؤخراً للعمالة الوافدة أو للوافدين بشكل عام . فمنذ بدء كارثة كورونا وهناك طائفة لا بأس بها من المواطنين تحاول أن تُحَمِّل جنساً أو بلدًا معينا أو طائفة وحدها مسؤولية إنتشار الفايروس وتمدده . ولا أريد الدخول في التفاصيل فذلك أمر بغيض .

لكن في كل الأحوال فإن هذه الهجمة غير المسؤولة وغير الإنسانية على الوافدين ، أو على بعضنا بعض ، تٌعبر في النهاية عن بدائية وهمجية ، لم تتمكن سنوات التطور الديمقراطي عندنا ومع الأسف من تهذيبها أو تدجينها سياسيًا وديمقراطياً . مؤسف أنه بعد نصف قرن من الممارسة الديمقراطية والإلتزام بالدستور نجد بيننا من ينتهك الحقوق الدستورية ويتعدى على الخواص الإنسانية للغير.

لكن من قال أنه كان عندنا ديمقراطية طوال هذا الوقت ...؟ نحن كان لدينا ، ولا نزال ، إنتخابات وليس ديمقراطية . مجلس أمة وليس مبادئ دستورية أساسية . إنتخابات كتلك التي جرت في بابل -حمورابي أو في صيدا - لبنان قبل آلاف السنين أو بعدها في أثينا وروما وغيرها من الأمم الغابرة التي عرفت نوعا من أنواع "الإختيار" السياسي .. 

ولكنها لم تعرف المبادئ الأساسية للتعايش الإنساني إلاّ مع النهضة البرجوازية وانطلاق مبادئ الحرية والعدل والمساواة المقننة أو بالأحرى المدسترة . أي التي يحكمها ويصونها دستور متعاقد علية وليس رأي أو تعنت الأغلبية.

الغريب أن العنجهي الكويتي  يستصغر من شأن العمالة الوافدة باعتبارها عمالة هامشية أو سائبة أو بلا عمل . في الوقت الذي أغلب الكويتيين فيه موظفين حكوميين ، أحيانا يداومون بعض الوقت وأحيانا لا يداومون . بل منهم من لا يدل طريق المؤسسة التي يعمل بها . ورجاء عدم الإستشهاد بالعمل التطوعي الحالي فأنا أرجع للفترة ما قبل كورونا .

في الستينات ومع وجود الجيل المخضرم أو بقايا جيل ما قبل النفط. جاء في تقرير للأمم المتحدة أن الموظف الكويتي يشتغل ثلاثة عشر دقيقة في اليوم ... ترى الآن وبعد جيل النفط وجيل الفورة والنعمة .. ترى كم ثانية يشتغل الموظف الكويتي ..!؟

العمالة الوافده تبحث عن العمل ولكنها لا تجده .. قسم لا بأس به من الكويتيين يسعى إليهم العمل فيتهربون منه . ولدي قناعة بأن الذي يهاجم ويتفنن في تصغير العمالة الوافدة هو ذاك الكويتي البطالي الذي يتهرب من العمل ويسقط عقده ومشاكله النفسية على الآخرين .

اضف تعليقك :

أحدث أقدم