لا أعلم إن كنت خبيراً أو ضليعاً في اللغة العربية. لكن الذي أعرفه أني لم أفهم معنى جملة «مدركات الفساد». الفساد نفسه غير معرف أو محدد. ومدركات ليس لها محل من الإعراب، أو على الأقل ليس لها محل في قاموسي اللغوي، أدرك أن مدركات هي جمع مفاهيم أو حواس. لكن «مفاهيم أو حواس الفساد»!
هناك من هو مضيعنا بين دهاليز وسراديب مدركات الفساد ومؤشراته أيضا، فلا المدركات موضحة، ولا المؤشرات محددة. كل الذي نعرفه أن عندنا فساداً.. وفساداً مستشرياً.
ليس لدي اعتراض، سواء ما كان عندنا فساد أو إهمال أو تسيب، فالمهم ان لدينا الكثير من الأخطاء، وان فينا الكثير من الإعوجاج، وان الإصلاح مطلب ضروري قبل أن تفوت الفرصة، ونصل إلى القاع التي يبدو أن ملامحها بدت تتضح لنا.
لكن من أجل إصلاح الإعوجاج مطلوب ان نعي ونتعرف على المعوج. المحذرون، وفي الواقع المطبلون لاستشراء الفساد، لم يحددوا لنا لا ماهيته ولا أشكاله، وفي الواقع هم لم يعلنوا حتى الآن عن حقيقة مؤشراتهم، ولا إلى من أو ما تشير.
مزاعم كثيرة عن استشراء واستفحال الفساد في السنوات الأخيرة، لكن لم يتطوع أحد لا من المحذرين، ولا من يطبل خلفهم بلا وعي، لم يتطوع أو يتفضل أحد علينا بتوضيح أو إبراز ما يحذر منه. مرة ثانية هذه ليست محاولة لإنكار الفساد، على الاطلاق، فأنا مؤمن، وعلى قناعة تامة بأن الفساد مستشرٍ، وأن المواطن الكويتي هو مادته ومصدره.
لكن المطلوب من المحذرين أنفسهم أن يؤشروا لنا بشكل واضح ومحدد عن مكامن الفساد، وعن أطرافه وأبطاله، حتى يكون من السهل أو على الأقل من الممكن التعامل معه. اعتقد ان معظم المحذرين من الفساد «ما يدرون وين الله حاطهم»، أما المطبلون والمروجون لتحذيراتهم من سياسيينا، ومن احترفوا المعارضة، فإنهم على علم مؤكد بالفساد وبأنواعه ومكامنه.
لكنهم يتجنبون الإشارة أو التدليل عليه، لأنه كما قلت، الكل فاسد والكل مشارك في التجاوزات والمحاباة وحتى الاختلاسات والتطاول على الأملاك العامة. المطبلون يعلمون جيداً من هم الأبطال الحقيقيون للفساد، والمستفيدون بشكل أساسي منه، وهم ناخبوهم وبنو جلدتهم، لكنهم يفضلون الإشارة إلى الحكومة، وإلى المؤسسات الرسمية، تكسبا سياسيا من جهة، وتخوفا من صد وغضب من يتبعهم ومن ينتخبهم.
9/4/2018
إرسال تعليق