مزاعم الحق الإلهي (3)

                              

                                                      

    الدافع كان ولا يزال دينيًا    

عبدالناصر لليهود .. خرجتم سمراً وعدتم بيضاً

 

الصراع  في المنطقة بطرفه العربي كان وطنيًا   قوميًا – وأصبح إرهابياً أصوليًا في النهاية. الغرب الذي دعم اليهود كان مدفوعًا بعوامل عديدة أقلها الإهتمام المزعوم بالمنطقة العربية. أو الرغبة في تطويق وتعطيل التقدم الذي يسعى له العرب كما هو الزعم القومي. الغرب كان متعاطفًا مع اليهود بعد معاناة الحرب العالمية الثانية وإسهام اليهود في دعم الحلفاء . والغرب "المسيحي"  كان ولا يزال متعاطفًا مع اليهود بوصفهم أبناء وذرية النبي إبراهيم . وهنا يكمن أساس وأصل وسبب التأييد الغربي المتواصل  حتى الآن لليهود. أي أن الدعم الغربي لليهود كان بالأساس دينيًا واستجابة لما يُعتقد أنه تقرير وإرادة ربانيان .

 

بغض النظر عن لبرالية الغرب التي لم تتجذر إلا بعد الثورة الجنسية وبعد الحركات الشبابية وثورات الحقوق المدنية في النصف الثاني من القرن الماضي . أي بعد إنشاء وقيام دولة إسرائيل. بغض النظر عن هذا يبقى التأييد الغربي لإسرائيل، تأييدا  مدفوعا بالإيمان المسيحي بالكتاب المقدس ، كان ولا يزال .  والذي يتضمن وعد الرب بمنح أرض فلسطين لأبناء إبراهيم وإسحاق ويعقوب " اسرائيل"  . وَعَد الرب ، رب إبراهيم ، وأقسم وتعهد لنسل وذرية إبراهيم وإسحق ويعقوب بمنحهم أرض فلسطين إلى الأبد تكرر في الكتاب المقدس الذي يؤمن به مسيحيو الغرب عشرات المرات .( لأَنَّ جَمِيعَ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ تَرَى ، لَكَ أُعْطِيهَا وَلِنَسْلِكَ إِلَى الأَبَدِ  , سفر التكوين  13)


فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ قَطَعَ ٱلرَّبُّ مَعَ أَبْرَامَ "ابراهيم"  مِيثَاقًا قَائِلًا: «لِنَسْلِكَ أُعْطِي هَذِهِ ٱلْأَرْضَ، مِنْ نَهْرِ مِصْرَ إِلَى ٱلنَّهْرِ ٱلْكَبِيرِ، نَهْرِ ٱلْفُرَاتِ" 18 " انا الرب اله ابراهيم ابيك واله اسحاق .الارض التي أنت مضطجع أعطيها لك ولنسلك "  إلى آخر الآيات التي تتضمن الوعود والتبشير لإبراهيم وإسحق ويعقوب .

 

وهذه قضية ثابتة في الإيمان المسيحي ..لهذا فإن اليهود أو سكان إسرائيل يواصلون إبتزاز الغرب وتذكير مسيحييه بوعد الرب لبني إسرائيل . وآخر من قام بذلك رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو قبل سنوات حين خاطب الامريكان قائلا " تذكروا ان الله منحنا هذه الارض" . أي أنكم مسؤولون كمؤمنين مسيحيين بالحفاظ على وعد الرب ، ومواصلة الإلتزام بأمن دولة إسرائيل .

 

والقرآن يؤكد ذلك على لسان موسى في سورة المائدة 21  ( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي( كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ) وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِين). طبعًا المفسرون العرب كالعادة لديهم تفسير للكلمات يخالف معناها الظاهر بحجة أنها كلمات إلهية ، (هم وحدهم من يملك حق فهمها وتفسيرها ). لهذا هم يفسرون " كَتَبَ" على أنها أمَر وفرَض عليهم دخولها . وليس خصَّص أو تعهد كما هي و كما جاءت في التوراة .(حتى الآن نحن نقول في الكويت ، كتب البيت لفلان .. أو كتب لها البيت) هذا طبعًا بالإضافة إلى ان الله حسب التفسير الإسلامي اشترط " الصلاح " في مواضع أخرى لوراثة الأرض، وهو ما لا يتوفر إلا للفرقة الناجية من المسلمين . علمًا بأن هناك ميلًا لدى أغلب المفسرين يرجح أن المقصود بالأرض هو الجنة (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون   (الانبياء 105 )

 

المهم هنا هو أن الدعم الغربي لإسرائيل بغض النظر عن مصالح الدول ومطامع الأفراد السياسية والمالية يبقى دعماً شعبيًا دينيًا يرتكز على تعاليم إلهية ، لا زال يعتقد بها الكثير من المسيحيين المحافظين في دول الغرب . وهؤلاء بالمناسبة هم من يحرص على الإنتخاب وعلى التأثير في السياسة العامة . وهم الذيم يفرضون على المرشحين والممثلين دعم وتأييد "الإعتداءات والإنتهاكات" التي تقوم بها دولة إسرائيل وليس اللوبي الصهيوني وحده كما يعتقد العرب.

 

هذا الدعم يتزعزع حاليًا بعد ثبوت عدم إنتماء أغلبية اليهود إلى السلالة الإبراهيمية ، وبالتالي سقوط الادعاء اللاهوتي المسيحي بملكيتهم لأرض فلسطين. أي سقوط الدعم الغربي المسيحي عنهم . هذا ربما يفسر كما ذهب كثيرون تحذير هنري كيسنجر الاخير من أن المتبقي في عمر دولة إسرائيل هو عشر سنوات فقط . كما قد يفسر أيضا الكشف الأخير لإنحياز الأمير شارلز ضد الإسرائليين بوصفهم يهودًا اوروبيين وليسوا شرق أوسطيين كما يزعمون .

 

في قول منسوب للرئيس الراحل جمال عبدالناصر يخاطب الإسرائيليين فيه قائلًا " غادرتم المنطقة سمرًا .. وعدتم إليها بيضًا" . عبدالناصر ربما كان يعلم تاريخيًا أن اليهود العائدين إلى أرض فلسطين ليسوا اليهود الذين غادروها لأنهم ليسوا من سلالتهم .. ولو أطال الله في عمره إلى اليوم لأشار الى نتائج الحمض النووي لتأكيد ما كان يعتقد.

 

إذا كان أغلب سكان إسرائيل ليسوا يهودًا ، وبالتالي ليس لهم الحق لا دينيًا ولا عرقيًا بأرض فلسطين . فإن العرب في المقابل ليسوا فلسطينيين أيضًا. فالعرب كما بينا سلالات متعددة . والفلسطينيين بوصفهم عرب ينتمون إلى ذات السلالات . بل كما أثبتت تحاليل الحمض النووي فإن بعض الفلسطينيين (العرب) يملكون (على الأقل وفقًا للتوراة) يملكون الحق التاريخي والحق الإلهي في أرض فلسطين لأنهم يحملون صفات وجينات أبناء إبراهيم وإسحاق وإسرائيل , لكن هؤلاء هم الأقلية ، بينما الأغلبية تنتمي إلى السلالات الشرق أوسطية الأخرى.

 

يزعم العرب المطالبون بأرض فلسطين. أن الأرض كانت للكنعانيين وإن اليهود احتلوا الأرض وأجلوا سكان فلسطين الحقيقيين والأولين عنها . ولكن احدًا من العرب لا يقول لنا من هم الكنعانيون وأين ذهبوا . وما علاقة العرب ، أو لَمَ يرث العرب دون غيرهم بني كنعان .؟

 

طبعًا الزعم في النهاية هو أن الكنعانيين عرب ، كما السومريون والأمريون والآشوريون والكلدانييون وكل من سكن أرض الرافدين أو سوريا الطبيعية .لاجدال هنا على الإطلاق ..فهذا الطرح فيه الكثير من الصحة لأن المنطقة في النهاية هي أصل الجنس البشري أو على الأقل نصفه ، الشرق الأوسط ، شمال أفريقيا ومعظم أوروبا. ولكن هذا لا يعطي العرب أو الفلسطينيون تاريخيًا حق وراثة الأرض ويحرم اليهود منها لأن اليهود أصلا عرب أو أن العرب يهود أيضًا .

 

الزبدة.. ليس هناك حق إلهي في فلسطين لا لليهود حسب إتقافهم مع يهوى ولا لموسى حسب ما كتب الله له. فهذه تبقى إدعاءات دينية لم يتم إثباتها تاريخيًا أو "اركيولوجيا" -آثاريا  حتى الآن . الحق كل الحق للإنسان الفلسطيني الحالي "وحده" الذي سلبت إرادته أو طرد من أرضه . اما الشاطيين عمرهم من العرب فحقهم في فلسطين لا يصل حتى إلى بعض حق اليهود . فيا أيها المعارضون لما تسمون بالتطبيع ....انثبروا  ودعوا الإنسان الفلسطيني يناضل إنسانيًا وسياسيًا من أجل حقوقه فتعصبكم العرقي والديني وتخلفكم السياسي هو العثرة الوحيدة التي تقف أمام استرداد الحقوق الفلسطينية .

1 تعليقات

  1. كلام و تحليل علمي نعمل على البناء عليه لطرح القضية الفلسطينية من منظور جديد اكثر انسانية و منطقية

    ردحذف

إرسال تعليق

أحدث أقدم