مزاعم الحق الإلهي (1)


 

هذا مقال كتبته قبل ثلاث سنوات في سلسلم مقالات الحمض النووي . اعتقد الان اصبح ضروريا نشره 

 

جينيا.. بعض الفلسطينيين يهودا اكثر من اليهود

 

علم الأصول والأجناس المعتمد على " الدي.ان.اي" قلب الكثير من المفاهيم رأساً على عقب. ولا يقتصر هذا على أصول وأنساب الناس كما قد يتبادر الى الذهن، بل هو يمتد إلى أكبر وأعمق من ذلك. إلى أصول الشعوب والى السياسات والمبررات التي أدت إلى تقسيم وتوزيع هذه الشعوب على الأرض
 
بالنسبة لنا،  أهم الأكتشافات المتحصلة من علم الأجناس الحمضي  أن جازت التسمية- هي أن "القبيلة" ليست علاقة دموية صرفة . أو أنها بشكل أوضح ليست نسل رجل أو جد واحد . بل هي كما أثبتت تحاليل الكثير من القبائل أنها تحالفات وتجمعات مختلفة . أحيانا من نفس العرق أو الأصل ولكن بـ "فروع" مختلفة.
 
لا أريد أن أستخدم كلمة عرب للتدليل على العرق أو الأصل.. لأنه ليس هناك تحديد حقيقي لمن هو العربي غير "النطق" باللغة العربية ، وهو ما كشف عنه تحليل الحمض النووي أيضا. فسكان المنطقة العربية ينقسمون إلى سلالات مختلفة أهمها السلالة ، إي ، تٍي ، ثم الأكبر جَي،، أي أيضا  هم مثل القبيلة لا يجمعهم عرق واحد أو جد واحد  . وحسب متابعة حركة هجرة الاجناس والسلالات ،  فإن السلالة " تي" هي السلالة المحلية الوحيدة "العرب البائدة" بينما قدمت"إي" من شمال أفريقيا و "جَي" من بلاد ما بين النهرين. أي أن نصف العرب يهود ونصف النصف بُربر أو فراعنة والبقية سكان محليون للجزيرة وضفاف الخليج . الآن سأستخدم كلمة عربي إذا اتفقنا على هذه الحقائق.
 
نتائج الفحص الحمضي أثبتت أن كل القبائل خليط من سلالات مختلفة. ليس هذا وحسب ، ولكن بعضها ليس عربيا ، بمعنى أنه ليس ، تٍي، او إي او جَي . ولكن طبعًا هو ينطق باللغة العربية فهو عربي حاله حال البقية من أبناء عمه  الذين اختلط معهم لدرجة أنه لا يمكن التمييز بين ما يُعرف بالعربي وبين الذي تحالف معه من غير سكان المنطقة العربية.. إلا بتحليل الحمض النووي. طبعًا هناك قبائل تكاد تكون خالصة أو نقية السلالة، وهناك قبائل أيضًا يغلب عليها بل وحتى يتأمرها او يتشخيها العنصر المتحالف . ولن أضرب أمثلة فالعقلية العربية لم تتقبل بعد الحقائق والوقائع التاريخية والعلمية .
 
لكن هذا ليس موضوعنا رغم غرابته . وأعتقد ان ليس له أهمية في علاقات اليوم المبنية على الكثير غير الحسب والنسب . موضوعنا اليوم هو تأثير الإكتشافات الجينية على الشعوب والديانات والسياسات. وبالذات على الصراع الأزلي بين العرب واليهود .
 
في دراسات حديثة للحمض النووي لما يسمى بالسلالة الإبراهيمية أو حسب المعتقدات الدينية اليهودية " اللافايت" أو الكوهينم ،  وبالعربي الكهان ، جمع كاهن وهو القس أو الإمام اليهودي . والإمام أو القس اليهودي أو الكاهن هو تقليديًا من ينتمي أو من المفروض أن ينتمي إلى النبي " هارون".  لأن النبي الأصلي " موسى" لم ينجب.  هارون هو أول قس" كوهين" يهودي تم تعيينه من قبل النبي موسى. في دراسة جينية لمن يزعمون أنهم من صلب النبي هارون ومقارنة هذه الدراسة بالحمض النووي لبقية اليهود من سكان إسرائيل الحالية. تبين أن اغلب سكان إسرائيل لا ينتمون إلى السلالة الإبراهيمية , بالعربي الفصيح ليسوا من سلالة النبي إبراهيم ... أي أنهم ليسوا يهودًا بالدم وهذا مهم جدا.
 
  الدراسة قام بها علماء يهود وجامعات عالمية معتمدة . لكن بالطبع في مثل هذه الحالات هناك دراسات ومزاعم مضادة تؤكد عكس ذلك . ومن ضمن هذه المزاعم شهادة صاحب أكبر شركة لفحص الحمض النووي، وهي بالمناسبة الشركة التي فحص ويفحص لديها أغلب العرب. صاحب الشركة وهو يهودي " اشكنازي" ، وهم المتهمون بأنهم ليسوا يهودًا أصلًا ، بل أتراك اعتنقوا اليهودية ، صاحب الشركة هذا شهد بأن نتائج الحمض النووي التي أجرتها شركته تثبت أن غالبية اليهود ينتمون إلى الشرق الأوسط . لاحظ أنه قال ينتمون إلى الشرق الأوسط ولم يؤكد إنتماءهم إلى السلالة الإبراهيمية.
 
دراسات الحمض النووي التي أجراها باحثون يهود لم تنف إبراهيمية أو أصالة سكان إسرائيل وحسب .. بل أن المفاجأة التي كشفتها الدراسة كانت عظيمة  فإحدى الدراسات تزعم بأن بعض الفلسطينيين " العرب " يحملون الجين أو ينتمون للسلالة الإبراهيمية أكثر مما ينتمي لها بعض اليهود . أي أنهم ملكيون أكثر من الملك .. بلا تخفيف ومباشرة بعض الفلسطينيين العرب  يهودًا أكثر من اليهود.
 
طبعًا جرى التعتيم على هذه الدراسات ، وتطوع " الاشكناز" المشكوك في يهوديتهم مثل " بَنٍت غريسن " صاحب شركة " الفاملي تري" في تأكيد إنتمائه وأقرانه الى الشرق الأوسط . التعتيم لم يقم به اليهود فقط، بل يبدو أن العرب أو الفلسطينيين أيضًا  فضلوا التعتيم عليه أو على الأقل تجاهله مع أنه يعتبر نصرًا كبير في معركة إسترداد الأرض... أرض فلسطين.
 
ما هي أهمية نفي الإنتماء للنبي إبراهيم عن سكان إسرائيل الحاليين أو عن أغلبية اليهود  الذين يتكون أغلبهم من " الاشكناز" . قبل التعمق هنا، من الضروري جدًا إلقاء نظرة تاريخية فاحصة على الصراع العربي – الإسرائيلي. على الأقل من وجهة نظر عربية حتى ندرك أين كنا وأين نقف الآن .

 

وإلى الغد.

اضف تعليقك :

أحدث أقدم