الهجمة المستعرة الحالية على " تجار" الكويت ليست نزيهة ولا عفوية كما تبدو . وليست تعبيرا عن صراع طبقي كما استهبل البعض في تفسيرها. بل هي صراع سياسي بحت ربما بين "التجار" انفسهم وهي في البداية والنهاية هجوم ومحاولة لتشويه المجتمع الكويتي القديم بقيمه وتراثه وانجازاته السياسية والتنموية .
تشويه الطبقة التجارية الكويتية التقليدية يعني تشويه النضال الوطني والسعي لتقويض ما تبقى من انجازات هذه الطبقة السياسية . اي ما تبقى من نظامنا الديمقراطي بعد ما تم للقوى المناهضة ، تم لها بدْوَنة وأدْيَنة المجتمع .لا يمكن فصل هذا عن ذاك ، اي مهاجمة " التجار" والطعن بان انجازاتنا الوطنية السياسية التي كانت بالاساس هي انجازات "التجار" .
الغريب هنا ،ان بعض المتحذلقين والكثير من الساذجين يستنكر على التجار التضارب او ما سموه بالانقلاب على السلطة دون تبيان اسباب التضارب او شرح دواعي الخلاف . ان انتصار السلطة في ذلك الخلاف لا يعني انها كانت على حق كما يحاول ان يزيف التاريخ البعض ، او على الاقل لا ينفي ان للقوى السياسية التي تصدت للسلطة وقتها ، ان لها وجهة نظر وطنية مخلصة افضل واكثر وطنية من وجهة نظر السلطة . لم يكن كل التجار ضد السلطة ولم يكن كل من في السلطة ضد الحركة الوطنية . ولكن كان هناك حراك سياسي وطني كويتي واختلافات مبررة وطنيا او مصلحيا بين الطرفين .
التجار في الكويت القديمة هم من بنوا البلد وهم من قادوا التطوير والتحديث فيها . لكن ليس بسواعدهم وليس بعرقهم ودمائهم ولكن بجهد وعمل مجموع الشعب الكويتي . بجهد البحارة وعرق الزراع وصبر الرعاة وعطاء كل الكويتيين . الكل كان يدفع والكل كان يساهم في ميزانية الدولة آنذاك ...حتى القادمون للتبادل والتسوق كانوا يدفعون عند الدخول وعند مغادرة الكويت .الكل كان يدفع ، وفي المقدمة التجار ولكن ايضا من كد وجهد من يعمل لديهم .
اليوم تتعالى اصوات الغوغاء مطالبين - او بالاحرى معايرين- التجار ان يدفعوا ، ويستنكرون عليهم ان ياخذوا . طبعا معهم حق ...معهم حق لو انهم يدفعون بينما التجار ياخذون . وبالمناسبة هذا ما كان يحدث في الماضي .كان الكادحون ينتجون وكان التجار يمولون الدولة وخزينتها من كدحهم وعملهم . اليوم في الكويت لا احد يعمل . لا احد ينتج والكل بلا استثناء يقبض ويستنزف الخزينة العامة .لااحد يدفع.. لا التجار ولا الفقراء ..الكل متساوون في نهب وسرقة الدولة ..صحيح ان البعض ياخذ الجمل بما حمل والبعض يلتقط الفتات ، لكن هذا لا يعطي الحق ل "القدر ان يعيب على المنصب" .فالذين ينتقدون عدم عطاء التجار او تحصلهم على اكثر مما يستحقون هم ذاتهم من يسرق الدولة وهم ذاتهم من ياخذا الكثير بلا وجه حق في الوقت الذي هو فيه مثل ابن وطنه التاجر لا يدفع شيئا .
مرة ثانية نعود للموضوع الاصلي وهو ان المقصود بتشويه دور التجار هو تشويه العمل الوطني والقضاء على ما تبقى من الانجازات الوطنية ، بل ولن اكون مخطئا ان قلت ان المقصود هو التصدي للتنمية والترشيد ..لان هذا ما تدعوا له القوى الوطنية التجارية وهو ما لايتناسب ورغبات وحتي سيكولوجية وايديولجية الاستحواذيين من "فقراء" الكويت .
إرسال تعليق